بلاءٍ في الإسلام أم جوراً في حكمٍ أم رغبةً في الدّنيا إن قلت بها فقد كذّبت وكذّبك النّاس أتزعم أنّ عليّاً قتل عثمان مظلوماً فعليٌّ والله أتقى وأنقى من لائمه في ذلك ولعمري إن كان عليّاً قتل عثمان مظلوماً فوالله ما أنت من ذلك في شيء ، فما نصرته حيّاً ، ولا تعصّبت له ميّتاً وما زالت الطّائف دارك تتّبع البغايا وتحيي أمر الجاهليّة وتميت الإسلام حتّى كان في أمس.
وأمّا اعتراضك في بني هاشمٍ وبني أميّة فهو ادّعاؤك إلى معاوية.
وأمّا قولك في شأن الإمارة وقول أصحابك في الملك الّذي ملكتموه ، فقد ملك فرعون مصر أربعمائة سنةٍ وموسى وهارون عليهما السلام نبيّان مرسلان يلقيان ما يلقيان وهو ملك الله يعطيه البرّ والفاجر وقال الله عزّوجلّ : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ) (١) وقال : (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (٢).
ثمّ قام الحسن عليه السلام فنفض ثيابه وهو يقول : «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ، هم ـ والله يا معاوية ـ أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك والطّيّبات للطّيّبين والطّيّبون للطّيّبات أولئك مبرّون ممّا يقولون لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ هم : عليّ بن أبي طالبٍ وأصحابه وشيعته».
ثمّ خرج وهو يقول لمعاوية : «ذق وبال ما كسبت يداك وما جنيت وما قد أعدّ الله لك ولهم من الخزي في الحياة الدّنيا والعذاب الأليم في الآخرة».
فقال معاوية لأصحابه : وأنتم فذوقوا وبال ما قد جنيتم.
فقال له الوليد بن عقبة : والله ما ذقنا إلّا كما ذقت ولا اجترأ إلّا عليك.
__________________
١. سورة الأنبياء (٢١) : الآية ١١١.
٢. سورة الإسراء (١٧) : الآية ١٦.