ألم ترى أنّ قومك حين بنوا الكعبة ما اقتصروا على قواعد ابراهيم؟ (١).
فقلت : يا رسول الله! ألا تردّها على قواعد ابراهيم؟
قال : لو لا حدثان قومك بالكفر لفعلت.
ومن لفظ البخاري ومسلم عن الأسود بن يزيد ، عن عائشة ، قالت :
سألت النبي عن الجدار ؛ من البيت هو؟
قال : نعم.
قلت : فما لهم لم يدخلوه في البيت؟
قال : إنّ قومك قصرت بهم النفقة.
قلت : فما شأن بابه مرتفعاً؟
قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا ، ولو لا أن قومك حديثٌ عهدهم بالجاهلية ، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه بالأرض.
وفي صحيح البخاري عن جوير بن يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن عائشة : أنّ النبي قال لها : يا يعائشة! لو لا أن قومكِ حديثوا عهد بالجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما اُخرج منه والزقته بالأرض ، وجعلت له بابين ؛ باباً شرقياً وباباً غربياً ، فبلغت به أساس ابراهيم.
ولا ريب أن ظاهر هذه الأخبار أن تعليق الامضاء بحدثان عهد القوم وقربه من الكفر والجاهلية يستلزم خوفه صلّى الله عليه وآله من إرتدادهم وخروجهم عن الاسلام ، أن يعود بذلك ضررٌ إلى نفسه أو إلى غيره ويتطرق بذلك الوهن في المسلمين ، وهذا هو التقيّة) (٢).
__________________
١. يعني جعلوها أوسع من القواعد التي بنى عليها إبراهيم عليه السلام الكعبة.
٢. أصول الأصليّة : ص ٢٣٨.