(٥٦) فأمّا الكلام في الحجّة (٤٦) المثبتة للنفس ، المبنيّة (٤٧) على فرض يلزم فيه شعور بالذات ، فقد كان ذلك الشيخ ذاكرني ذلك ـ وهو في أن يقرء علي كتاب النفس من الشفاء ، وأنا في أن أمتنع (٤٨) ـ فقلت له : هذا الواحد ليس من الحجج التي يلزمك ، لأنّ ذلك البيان مبنيّ على مقدمة اعتباريّة ليس التصديق بها ممّا يتيسّر (٤٩) إلا لأهل الفطانة ولطف الإصابة ، وإذا كان مع عدمهما (٥٠) يلحظ المقدمة بعين السخط ، كان الشك أسرع إليه من الماء إلى الحدور (٥١).
(٥٧) وهنا (٥٢) قياسات مبنيّة على مقدّمات إنّما يقع التصديق بها لبعض دون بعض ؛ مثل أن تكون مقدّمات حسيّة وتجربيّة رصديّة وغير هما ؛ ومثل بيان جالينوس إن لبعض العظام حسّا ـ لتجربة له (٥٣) في الأسنان ـ ويشبه أن [٧ ب] [أكون قد أومأت في فصّ الكتاب إلى هذا (٥٤)] (٥٥). وقد يتهيّأ [أن ينبّه] (٥٦) المنصف (٥٧) على هذا الاعتبار إذا لم يبادر إليه بذهنه.
(٥٨) وبالجملة فهذه (٥٨) الحجّة إما ضائعة وإما قاطعة ؛ فإنّها ضائعة بالقياس إلى من يتوقّف ذهنه عن التفطّن لهذا الاعتبار حتّى يكون مجوّزا أن يكون الإنسان موجودا كامل الخلقة والعقل ، غير مبلوّ بآفة ـ وقد فرض ذلك الفرض ـ فيكون حكمه حكم الجماد في أنّه (٥٩) لا يشعر بذاته حتّى يفتح عينيه (٦٠) مثلا ، فيلقى بصره على سطحه الظاهر ، فيكون ما أدركه هو ذاته التي يشعر بها (٦١) ؛ فإنّه لا مدرك
__________________
(٤٦) «الحجة» ساقطة من ل.
(٤٧) ب. م مهملة. د : المثبتة.(٤٨) عشه : امنع.
(٤٩) عش : ليس التصديق بها تيسير.
(٥٠) عشه ، ل : عدمها. (٥١) حدر حدورا : نزل وهبط. عشه : الحرور.
(٥٢) عشه ، ل : وهاهنا.(٥٣) ل : لتجربة قياسا له.
(٥٤) ل : في نص الكتاب الى ذلك. (٥٥) عشه : يكون قد أومأت إلى ذلك في فصّ الكتاب.
(٥٦) ب مهملة. د ، م محرف. (٥٧) «المنصف» ساقطة من عش ، ه.
(٥٨) عشه : هذه. (٥٩) عشه : في أن.
(٦٠) عشه : عينه. (٦١) عشه : أشعر بها.
__________________
(٥٦) راجع الشفاء : النفس ، م ١ ، ف ١ ، ص ١٣ وم ٥ ، ف ٧ ، ص ٢٢٥. والإشارات : النمط الثالث ، التنبيه الأول.