وان نشاطهم قد تعدى حدود المدينة كما تدل على ذلك بعض لآيات الكريمة.
قال سبحانه : «الاعراب أشد كفرا ونفاقا واجدر أن لا يعسوا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم».
«ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم».
ويبدو من مجموع ما ورد في القرآن بشأنهم ان الخطر منهم على الدعوة الاسلامية لم يكن باقل من المشركين الذين لم يخضعوا لسلطان الاسلام ، ومن الجائز القريب ان يكون خطر المنافقين اشد وابلغ اثرا من اخطار غيرهم لانهم كانوا معهم وبين صفوفهم يراقبون جميع تصرفاتهم ويحصون عليهم انفاسهم : وقد اطمئن إليهم اكثر المسلمين ، بل وحتى النبي (ص) لم يكن يعرف واقعهم ، لولا الوحي الذي كان يكشفهم له بين حين وآخر ، ولولا انهم كانوا يشكلون خطرا عظيما على الدعوة الاسلامية وعلى الرسول نفسه لما الح القرآن الكريم على التحذير مضم بتلك الاساليب المختلفة. ويؤيد ذلك ما جاء عن الامام الصادق الصدوق في تفسير الآية ٥٩ من سورة التوبة ، ان المعنبين بها اكثر من ثلثي الناس ، ولو كانوا قليلي العدد وليسوا من ذوي الشأن ، ولا يملكون من الوسائل التي تمكنهم من تنفيذ مخططاتهم واهدافهم ، إذا كانوا كذلك فهل بستحقون هذا الاهتمام البالغ الذي ظهر في كثير من الآيات والسرر وهل يحسن التحذير والتخويف ممن لا خطر منه ولا شان له؟ ، ولماذا لم بتجاهل القرآن تلك الفئات الظالمة كما تجاهل اكثر العصاة ولم يتعرض إلى خطرهم على الدعوة ولو بآية تشير إليهم فن قريب أو بعيد. وتؤكد النصوص التاريخية : ان القرآن الكريم لم يقف هذا الموقف من الصحابة ،