عثمان بن عفّان على خراسان لقيه في الطريق ، فعرض عليه أن يغنيه ويستصحبه ويكف عما يفعل ، فقبل مالك ، فأجرى عليه سعيد خمسمائة دينار في كلّ شهر. ولذلك يقول في القصيدة :
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى |
وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا |
[ولكن لماذا قال «ابن عفان» ولم يقل «ابن عثمان» والوزن واحد ، والأب عثمان أشهر من الجدّ «عفّان» وقد نسبوا أحفاد عثمان إليه فقالوا «العثماني»].
وذكروا في سبب قول القصيدة أقوالا :
قالوا : مكث مالك بخراسان فمات هناك ، فقال يذكر مرضه وغربته.
وقالوا : بل مات في غزو سعيد ، طعن ، فسقط وهو بآخر رمق.
وقالوا : بل مات في «خان» فرثته الجنّ لما رأت من غربته ووحدته ، ووضعت الجنّ الصحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه.
قلت : وهذه أول مرّة أسمع فيها أن الجنّ تكتب.. نعم : لقد زعموا أنّ الجنّ قالت شعرا وأنشدته وسمعه من سمعه. ولكني لم أعرف أنهم كتبوا!!
ولعبد يغوث بن وقّاص ، أحد فرسان الجاهلية وشعرائها ، قصيدة ، تتّحد مع قصيدة مالك بن الريب في الوزن والقافية والرويّ ، مطلعها :
ألا لا تلوماني كفى اللّوم مابيا |
وما لكما في اللّوم خير ولا ليا |
ويتشابه في القصيدتين بيتان ، حيث قال عبد يغوث :
فياراكبا إمّا عرضت فبلّغن |
نداماي من نجران أن لا تلاقيا |
وقال مالك بن الريب :
فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن |
بني مالك والرّيب أن لا تلاقيا |
وتتشابه المناسبتان ، ذلك أن عبد يغوث ، قال القصيدة ، وهو في الأسر ينتظر الموت [الخزانة / ٢ / ٢٠٣ ، والمفضليات / ١٥٦ ، والأشموني / ٢ / ١٧٩ ، وابن عقيل / ٢ / ٨٥].