(١٧) تقول عجوز مدرجي متروّحا |
على بابها من عند رحلي وغاديا |
|
أذو زوجة بالمصر أم ذو خصومة |
أراك لها بالبصرة العام ثاويا |
|
فقلت لها : لا ، إنّ أهلي لجيرة |
لأكثبة الدّهنا جميعا وماليا |
|
وما كنت مذ أبصرتني في خصومة |
أراجع فيها يا ابنة العمّ قاضيا |
هذه الأبيات للشاعر ذي الرّمة من قصيدة يمدح بها بلال بن أبي بردة.
وقوله : مدرجي. أي : ممرّي. ومدرجي : مبتدأ. ومتروحا : حال من ياء المتكلم في «مدرجي» وصح مجيء الحال من المضاف إليه لأن المضاف مصدر عامل في صاحب الحال والحال. وغاديا : معطوف على «متروحا». وخبر المبتدأ «على بابها» أو «من عند أهلي» ويجوز أن يكون محذوفا ، لئلا نعطف على معمولات المصدر قبل أن يستكمل معمولاته.
وقوله : أذو زوجة. ذو خبر لمبتدأ محذوف تقديره : أذو زوجة أنت.
وقوله : بالمصر. صفة لزوجة. وثاويا : حال من الكاف إن كانت الرؤية بصرية ومفعول ثان! إن كانت الرؤية علمية وفي البيت دليل على صحة القول «زوجة الرجل» بتاء التأنيث وإن كان التذكير أقوى لوروده في القرآن. ويقال : زوجات الرسول عليهالسلام. وهو جمع زوجة. أما زوج. فجمعها أزواج.
وقوله : فقلت لها : أي : فقلت للعجوز. إني لا زوجة لي هنا ولم أجئ في خصومة إنّ أهلي ومالي بأكثبة الدهناء.
قال ابن هشام في «المغني» أم المتصلة التي تستحق الجواب ، إنما تجاب بالتعيين لأنها سؤال عنه ، فإذا قيل : أزيد عندك أم عمرو ، قيل في الجواب : زيد أو قيل : عمرو ولا يقال : «لا» ولا «نعم». فإن قلت : فقد قال ذو الرمة. «الأبيات».
قلت : ليس قوله : «لا» جوابا لسؤالها ، بل ردّ لما توهمته من وقوع أحد الأمرين ، كونه ذا زوجة ، وكونه ذا خصومة ، ولهذا لم يكتف بقوله «لا» إذ كان ردّ ما لم تلفظ به إنما يكون بالكلام التام فلهذا قال : «إنّ أهلي جيرة» و «ما كنت مذ أبصرتني» البيت. [شرح أبيات المغني / ١ / ٢١٩].
(١٨) كأني وقد خلّفت تسعين حجّة |
خلعت بها عن منكبيّ ردائيا |