وقوله : فتعيّ : مضارع ، أعيا ، وهو في الأصل «تعيي ، بيائين ، وقبل الياء الأولى
ساكن. فلما أدغم الياء في الياء ، اقترضت العين كسرة جارتها الياء ، عند إرادة ادغامها في الياء الثانية. والفرّاء يرى جواز أن نقول : أعيا ، يعيي ، إذا سكن ما قبل الياء الأولى ، ونقول : يعيّ ، بالإدغام للمذكر ، وتعيّ ، بالإدغام للمؤنث ، وأنشد البيت على جواز الإدغام ، وأنكر عليه النحويون هذا المذهب ، ووصفوا ما جاء في البيت بالشذوذ ، وقالوا : إن هذا الإدغام يكون في الماضي فتقول : عيي ، وعيّ ، وحيي ، وحيّ ، مما عينه ولامه ياءان ، لازم تحريكهما. ومضارعهما يعيا ، ويحيا ، وفي القرآن (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال : ٤٢] وفي القرآن أيضا («يُحْيِي وَيُمِيتُ» *) بدون إدغام. قلت : ومسألة الإعلال والإدغام في حروف العلة من أكثر المسائل التي ثار حولها الجدل بين النحويين ، ولذلك قال القائل :
إذا اجتمعوا على ألف وواو |
وياء ثار بينهم جدال |
[اللسان ـ عيا ، والأشموني ج ٤ / ٣٤٩ ، والهمع ج ١ / ٥٣].
(٧٦) على أطرقا باليات الخيا |
م إلّا الثّمام وإلّا العصي |
البيت لأبي ذؤيب الهذلي خويلد بن خالد ، جاهلي إسلامي من قصيدة أولها :
عرفت الدّيار كرقم الدواة |
يزبرها الكاتب الحميري |
يزبرها : يكتبها ، وذكر الحميري : لأن الكتابة أصلها من اليمن. يقول : عرفت رسوم الديار وآثارها ، خفيّة كآثار الخط القديم.
وقوله : على أطرقا : أراد : عرفت الديار على «أطرقا» والثمام : شجر يلقى على الخيام. والعصيّ : خشب بيوت الأعراب والخيمة عند العرب : بيت من عيدان. والثمام : نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت ويستر به جوانب الخيمة ، فالثمام والعصي استثناء من الخيام ، ويكون الاستثناء متصلا.
وقوله : على أطرقا : نصب على الحال من الديار ، وكذلك ، باليات الخيام : حال.
وقوله : إلا الثمام : يروى برفع الثمام ونصبه ، فمن نصب فهو استثناء من موجب ومن رفع ، فبالابتداء ، والخبر محذوف ، والتقدير : إلا الثمام وإلا العصي. لم تبل. ومن نصب