وإن دل هذا الكلام على شيء ، فإنما على وجوب تقديم «القياس» على «السماع» ، أي «الاستعمال اللغوي» ، وهذا لعمر الحق افتئات من منطق النحاة على منطق اللغة. ويبدو أن ابن جني تنبه إلى هذا فعاد وذكر بعد قليل أنه «وإن شذّ الشيء في الاستعمال وقوي في القياس ، كان استعمال ما كثر استعماله أولى ، وإن لم ينته قياسه إلى ما انتهى إليه استعماله» (١).
خامسا ـ أن «القياس النحوي» تأثر إلى حدّ كبير بالقياس المنطقي ، فلم يستند إلى سند موضوعي ، أو يعتمد على الملاحظة الدقيقة المستوعبة للظواهر ، و «معنى هذا أن الأصول التي يقرر النحاة في هذه المرحلة استخدامها لتقنين الظواهر أو تفسيرها ، والتي استخدموها بالفعل ، تهمل نقطة البدء الوحيدة التي تصلح للبحث اللغوي التركيبي ، وهي ملاحظة النصوص وتصنيفها لاكتشاف علاقاتها
__________________
(١) الخصائص ١ / ١٢٤.