الحد. لكنهم ، ولا سيما شيخهم الكسائي ، لم يكتفوا بذلك ، بل انطلقوا في بعض الأحيان من «المسموع» يقيسون عليه كل الوجوه الممكنة في الاحتمال دون الاستعمال ، فوقعوا في أدهى وأمر مما وقع فيه البصريون حين فرضوا سلطان منطقهم على اللغة بدلا من الاكتفاء بتسويد المنطق اللغوي وحده. وفيما يلي بعض نماذج من أقيسة الكوفيين تلك
* اشترط البصريون لعمل «إذن» النصب في المضارع أن تكون صدر عبارة جوابية ، وحين طالعهم قول بعض الرجّاز :
لا تتركنّي فيهم شطيرا |
|
إني إذن أهلك أو أطيرا |
تأوّلوه بأن خبر «إنّ» محذوف تقديره (إني لا أقدر على ذلك) ثم استأنف الراجز الكلام فقال (إذن أهلك ...) (١).
ولقد انطلق الكسائي من هذا البيت ليلغي شرط البصريين في إعمال «إذن» ، فأجاز أعمالها بعد «إنّ» ثم ـ قياسا ـ بعد «كان» ، وأن يقال مثلا : (إني
__________________
(١) مغني اللبيب ١ / ٢٣.