بالنسبة إلى «جاء زيد راكبا» لمجرد الإخبار عن الحال التي تم عليها مجيء زيد ، وإلى «راكبا جاء زيد» عند توجيه المتكلم عنايته واهتمامه إلى الحال التي تم عليها مجيء زيد ثم إلى الحدث بالذات (أي جاء) ، وإلى «راكبا زيد جاء» في حال قصده إلى إبراز عنايته بصاحب الحال (زيد) بعد صبّها على الحال نفسها في الدرجة الأولى ، لأن محدث الحدث (أو فاعل الفعل) أهمّ عنده من الحدث بالذات.
لكن مشكلتنا مع النحاة المتقدمين جميعا أنهم كانوا يرفضون أن يظل الفاعل «فاعلا» إذا هو تقدم على الفعل ـ حتى وإن كان هو الفاعل بالمعنى (١) ـ ويفرضون أن يصبح «مبتدأ». ومن هنا كان أن الذي منع الأخفش من إجازة صيغة «راكبا زيد جاء» ضرورة إعراب «زيد» مبتدأ ، والمبتدأ مرفوع بالإبتداء الذي هو «عامل معنوي» مفاده التعري عن كل لفظ ، أي عدم إمكان سبقه بأي كلام ، وأن ما قال به من عدم جواز الفصل بين
__________________
(١) راجع في هذا رأي ابن مضاء القرطبي في «كتاب الرد على النحاة» ، ص ١٠٣.