الرأي الأول ، بالرغم مما فيه من تعنّت متمثل في تشبيه «لا» بالفعل و «منصوبها» بالمفعول ، و «مرفوعها» بالفاعل ـ إذ لا بد في منطق النحاة من أن يكون العامل الرفع والنصب «فعلا» (١) ـ نقول : مع أننا كنا نتمنى لو اقتصر الأخفش على الرأي الأول ، لا لشيء إلّا لأنه استبعد فكرة «البناء» في اسم «لا» ، فإننا لا نملك إلّا أن نستغرب الرأي الثاني الذي يجعل من «لا» واسمها «مركّبا» ، على غرار «خمسة عشر» مثلا ، ثم يظل الجزء الأول من هذا المركّب ـ وهو «لا» ـ عاملا الرفع في الخبر.
وربما تساءلنا كذلك عما إذا لم يخطر في بال الأخفش أن يقول بأن المركب من «لا» واسمها «مبتدأ» (أو في محل رفع مبتدأ ، كما هي الحال بالنسبة إلى «خمسة عشر» في قولنا «في الدار خمسة عشر شخصا») والمرفوع بعده خبر؟
ومهما يكن من أمر فإن تشبّث الأخفش بفكرة «العامل» منعه ولا شك من دراسة هذا التركيب (لا
__________________
(١) لا ننس ان عامل الرفع الآخر عامل معنوي هو الابتداء.