بعض الإشارات التي يتقاطع أو يتوازى أو يتلاقى فيها موقفان : أخلاقي ، وجمالي ، حول رفض أو قبول هذا الشعر.
يمكننا أن نقول على وجه الإطلاق أنّ التجربة الجمالية ـ أدباً أو فنّاً ـ لا تصدر إلّا عن الحياة ـ محاكاة أو انعكاساً أو تمثيلاً ـ وحتى التخيّل والتخييل فمادتهما مفردات مسحوبة من تفاصيل حياتيّة يوميّة ارتقت إلى مستوى الخيال عن طريق نسق خاص من العلاقات ، وإلّا فهي من نفس المنبع ، فلماذا لا نسمّي اللّقاء بين صاحب التجربة الجمالية وبين مفردات الحياة مناسبة ؟ فمثلاً عندما يمرّ رسام على منطقة جبلية فيها من الوديان وانحدارات المياه وتشابك الأغصان ما يشكّل لديه قناعة بالموضوع فيجلب أدواته ويبدأ بالرسم ، ألم يكن هذا اللقاء مناسبة ؟ ولو كان نفس هذا الرسام بعيداً عن هذا المكان ولم يزره من قبل ، وسمع عن هذا الجمال البعيد فقرّر الذهاب إليه لرسمه ، ألا يمكننا ان نعدّ هذا اللقاء مناسبة أيضاً ؟ وللاختصار أرى أنّ هناك تجارب في الفن التشكيلي تدّعي اللامناسبة ( مثل تجارب الفنان الروسي كاندنسكي والفنان الهولندي موندريان في التجريد اللاموضوعي ) ، لكن محاولتها لإغفال الموضوع وتعويمه هي لقاء أيضاً مع اللاموضوع فتحقّق مناسبة أيضاً. وبنفس الطريقة التي يقول عنها الكاتب والفيلسوف الانكليزي جورج برناردشو : « ان نرفض الفلسفة يعني أن نتفلسف ».
فالمناسبة هي الانصهار والتلاحم مع حدث أو واقعة أو شيء أو ظاهرة أو أيّ مفردة اُخرى من مفردات الحياة التي تفرض شروطها وبكل صرامة على النتاج الجمالي فنّاً أو أدباً.
٢ ـ يجب التفريق بين
مناسبة لها سمات القصدية والتحديد والتوقيت ، وبين مناسبة تحدث بتلقائية وعفوية فتثير تجربة جمالية معيّنة ، سيكون هناك