هذا التناول لمفردات الطبيعة كمواد تعبيرية ، أضفى عليه الطابع الفكري لمسات واقعية إيمائية أبعدت عنه النَفَس الرومانسي الحالم المتأوّه لكي يقفل بالإشارة المكرّرة ( كيلا يكون الحسن ) منبّهاً على استحالة عدم كينونته ووقوف القوانين الطبيعية والسنن الكونية ضد هذا ، فلن تقف عجلات الزمن ويبقى الربيع يأتي :
فتبدو على كلّ زهرة روض سمات البقيع
ووجه الحسن
تبدأ بعد ذلك قطعة ختامية يخاطب فيها الشاعر الشيخ قاسم آل قاسم الإمام الحسن عليهالسلام مباشرة ، وهي نفثة روحية حرّة امتزج فيها تمكّن الشاعر من النظم العمودي مع محاولته لكتابة شعر حرّ لا يتقاطع مع تجارب شعراء هذا النمط ، بل ينفرد عنهم بسبب بروز الدوافع الأخلاقية السلوكية الضاغطة على تجربة آل قاسم الشعرية.
فقصيدته وعظية تنجح في إخفاء ما تريد تحت أجنحة المعالجة الفنية الجمالية ، وتنجح أيضاً في استقلال شخصيتها ومُزاوجتها بين متطلبات الشكل وشروط المضمون ، لتجعلنا نقول أنّ تجربته الشعرية بوتقة مختبرية تصهر الأخلاق والسلوك مع الجمالية والحقائق التاريخية في نسيج فنّي يستخدم من الرومانسية مفرداتها الرقيقة ، ومن الواقعية حبكاتها المتداخلة ، ليحقّق نصّاً هو بدايته المتمكّنة التي نتوقّع لها أكثر من ذلك حينما تتواشج وتتقاطع مع تجارب الآخرين الشعرية عِبر مسارات الشعر المعاصر.
وعلى مستوى التجريب الواعي فإنّ الشاعر الشيخ قاسم آل قاسم قطع مسافة شاسعة نحو الإبداع والتجدّد.