وعلى الرغم من سعة الفن وإنسانيته فالشاعر ـ مثلاً ـ يسجنه بقلمه ويرى فيه رأيه الخاص المحدود ليؤكّد عدم الاستطاعة في التعبير عن ما هو سام ، ويضيف آل قاسم في تأكيده لعدم استطاعة الوصول :
وحتى لو أنّ رؤاك خيال السماوات لن تستطيع
لأنّ الذي دونه حسن والذي تبتغيه الحسن
ويبدأ بعدها آل قاسم في عرض إلتحام الأرض بكلّ مفرداتها وتفاصيلها بقضيّة الإمام الحسن عليهالسلام :
لأنّ التراب ٱرتوى عبق الوحي منهُ
وفي كلّ شبر من الأرض كلّ التراب يُحدِّثُ عنه
وينتهي حواره مع ظالمي الإمام الحسن عليهالسلام هكذا :
لكيلا يكون الحسن
عليكم بان تذبحوا كلّ فن
وأن تحرقوا كلّ وجه جميل
في طرح شعري يرسخ ارتباط ما هو جميل بما هو حقيقي ، لأنّ الجمال عند آل قاسم ينشد ما هو حقّ وما هو خير ، وإزالة الحقّ تعني إزالة الجمال أوّلاً وآخراً ، وهذه إلتفاتة ونظر فلسفي ألبسه الشاعر حلّة الشعر وأدخله دوائر الفن عبر التفاف على تقريرية ومباشرة اللغة النثرية.
ويسترسل الشاعر بعدها ليعبّر عن إلتحام المفردات الطبيعية بالإمام المعصوم عموماً ، وتخصيصاً الإمام الحسن عليهالسلام ، فالفجر المنحور ووجه الأصيل الممزّق وسعفات النخيل المقطوعة والشمس المطفأة والنهار الميت ولون البحار المُصادَر ، كلّ هذه المفردات الحياتية هي المعادلات الوجدانية الشعرية لمظلومية الإمام الحسن عليهالسلام التي تراها وجوه اُميّة المشوّهة.