فالحكم تابع للّفظ ، ولا يمكن أن يرفع الأصل ويبقىٰ التابع.
٢ ـ النسخ حكم ، والحكم لا بدّ أن يكون بالنصّ ، ولا انفكاك بينهما ، ولا دليل علىٰ نسخ النصوص التي حكتها الآثار المتقدّمة وسواها ، إذ لم ينقل نسخها ولم يرد في حديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في واحدٍ منها أنّها منسوخة ، والواجب يقتضي أن يُبلّغ الأُمة بالنسخ كما بلّغ بالنزول ، وبما أنّ ذلك لم يحدث فالقول به باطل.
٣ ـ الأخبار التي زعم نسخ تلاوتها أخبار آحاد ، ولا تقوىٰ دليلاً وبرهاناً علىٰ حصوله ، إذ صرحوا باتّفاق العلماء أجمع علىٰ عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد (١) ، ونسبه القطّان إلىٰ الجمهور (٢) ، وعلّله رحمة الله الهندي « بأنّ خبر الواحد إذا اقتضىٰ عملاً ولم يوجد في الأدلة القاطعة ما يدلّ عليه وجب ردّه » (٣) ، بل إنّ الشافعي وأصحابه وأكثر أهل الظاهر ، قد قطعوا بامتناع نسخ القران بالسُنّة المتواترة ، وبهذا صرّح أحمد بن حنبل في إحدىٰ الروايتين عنه ، بل من قال بإمكان نسخ الكتاب بالسُنّة المتواترة منع وقوعه (٤) ، لذا لا تصحّ دعوىٰ نسخ التلاوة مع بقاء الحكم أو بدونه ، حتىٰ لو ادّعي التواتر في أخبار النسخ ، فضلاً عن كونها أخبار آحاد ضعيفة الاسناد واهية المتن كما تقدّم.
٤ ـ أنكر بعض المعتزلة وعامة علماء الإمامية وأعلامهم الضربين
______________________
(١) الموافقات للشاطبي ٣ : ١٠٦.
(٢) مباحث في علوم القرآن : ٢٣٧.
(٣) إظهار الحق ٢ : ٩٠.
(٤) الاحكام للآمدي ٣ : ١٣٩ ، أُصول السرخسي ٢ : ٦٧.