الأخيرين من النسخ واعتبروهما نفس القول بالتحريف ، وكذا أنكرهما أغلب علماء ومحققي أهل السنّة المتقدمين منهم والمتأخرين ، وحكىٰ القاضي أبو بكر في ( الانتصار ) عن قومٍ انكار الضرب الثاني منه (١) ، وأنكره أيضاً ابن ظفر في كتاب ( الينبوع ) (٢) ، ونُقِل عن أبي مسلم « أنّ نسخ التلاوة ممنوع شرعاً » (٣) وفيما يلي بعض أقوال محقّقي أهل السنّة في إبطال القول بنسخ التلاوة :
١ ـ قال الخضري : « أنا لا أفهم معنىٰ لآيةٍ أنزلها الله تعالىٰ لتفيد حكماً ثمّ يرفعها مع بقاء حكمها ؛ لأنّ القرآن يقصد منه إفادة الحكم والاعجاز معاً بنظمه ، فما هي المصلحة في رفع آية مع بقاء حكمها ؟ إنّ ذلك غير مفهوم ، وقد أرىٰ أنّه ليس هناك ما يدعو إلىٰ القول به » (٤).
٢ ـ وقال الدكتور صبحي الصالح : « أمّا الجرأة العجيبة ففي الضربين الثاني والثالث اللذين نسخت فيهما بزعمهم آيات معينة ، إمّا مع نسخ أحكامها وإمّا دون نسخ أحكامها ، والناظر في صنيعهم هذا سرعان ما يكتشف فيه خطأً مركباً ، فتقسيم المسائل إلىٰ أضرب إنّما يصلح إذا كان لكلّ ضربٍ شواهد كثيرةٍ أو كافيةٍ علىٰ الأقل ليتيسّر استنباط قاعدةٍ منها ، وما لعشّاق النسخ إلّا شاهدٌ أو اثنان علىٰ كلّ من هذين الضربين ، وجميع ما ذكروه منها أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع علىٰ إنزال قرآن ونسخه بأخبار
______________________
(١) البرهان في علوم القرآن ٢ : ٤٧.
(٢) البرهان في علوم القرآن ٢ : ٤٣.
(٣) مناهل العرفان ٢ : ١١٢.
(٤) التحقيق في نفي التحريف : ٢٧٩ ، صيانة القرآن من التحريف : ٣٠.