منذ عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلىٰ الآن ، فلا يعوّل علىٰ مثل هذه الرواية ، قال الرازي : « إعلم أنّ هذا القول من ابن عبّاس فيه نظر ، لأنّه يقتضي الطعن في القرآن الذي نُقِل بالتواتر ، ويقتضي صحّة القرآن الذي لم يُنْقَل بالتواتر ، وفَتح هذين البابين يطرق الشكّ في كلِّ القرآن ، وإنّه باطل » (١).
وقال أبو حيان : « من روىٰ عن ابن عبّاس أنّ قوله تعالىٰ : ( حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا ) خطأ أو وهمٌ من الكاتب ، وأنّه قرأ ( حتىٰ تَسْتَأذِنُوا ) فهو كافرٌ في الإسلام ، مُلْحِدٌ في الدين ، وابن عباس بريءٌ من هذا القول (٢).
الثالثة : روى عروة بن الزبير عن عائشة : أنّه سألها عن قوله تعالىٰ : ( لَّٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) ( النساء ٤ : ١٦٢ ) : ثمّ قال ( والمقيمين ) ، وفي المائدة : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ ) ، و ( المائدة ٥ : ٦٩ ) ، و ( إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ ) (طه ٢٠ : ٦٣ ) فقالت : يابن أُختي ، هذا عمل الكُتّاب ، أخطأوا في الكتاب (٣).
أمّا قوله تعالىٰ : ( والمقيمين ) فانّه علىٰ العطف يكون ( والمقيمون ) كما في قراءة الحسن ومالك بن دينار ، والذي في المصاحف وقراءة أُبيّ والجمهور ( والمقيمين ) قال سيبويه : « نُصِب علىٰ المدح ، أي وأعني المقيمين » وذكر له شواهد وأمثلة من كلام العرب (٤).
قال الآلوسي : « ولا يُلْتَفَت إلىٰ من زعم أنّ هذا من لحن القرآن ، وأنّ
______________________
(١) التفسير الكبير ٢٣ : ١٩٦.
(٢) البحر المحيط ٦ : ٤٤٥.
(٣) الاتقان ٢ : ٣٢٠.
(٤) الكتاب ١ : ٢٨٨ ـ ٢٩١.