بالقسط) ، ولكن ليس بالمفهوم الضيّق له المتمثّل في ردم الهوة بين الطبقات الاجتماعية ، بل التزام الحق والإنصاف من قبل الإنسان في كل أبعاد حياته وعلاقاته ، في علاقته بربه وقيادته ، وفي علاقته بنفسه ومجتمعة ، وفي علاقته بالخليقة من حوله ، وانما يعرف مدى قيامه بالقسط من خلال الميزان (الفطرة ، والعقل ، والكتاب ، والقيادة ، ...).
والحركة الصادقة هي التي تسعى الى ذلك بالكلمة الصادقة أو بالقوة والسلاح ، وهي التي يجب على الناس تبنّيها ، ومساعدتها ، والانتماء الى صفوفها ، لأنها تجاهد للحق ومن أجل سعادتهم ، ولأنها المحك في نصرتهم لله ولمسيرة الأنبياء والمرسلين.
والآية تشير الى هذه السمات إذ تقول :
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا)
دليلا الى الله ، وتعريفا للناس به تعالى ، فهم يتحمّلون مسئولية محددة هي تبليغ رسالة الخالق الى المخلوقين ، وهدايتهم الى معرفته ، والايمان به ، والعمل برسالته ، قال النبي (ص) : «بعث إليهم الرسل لتكون له الحجة البالغة على خلقه ، ويكون رسله إليهم شهداء عليهم ، وابتعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حي عن بينة ، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه ، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروا ، ويوحّدوه بالالهية بعد ما عضدوا (أشركوا)» (١) ، وقال الامام علي (ع) : «بعث رسله بما خصهم به من وحيه ، وجعلهم حجة له على خلقه ، لئلا تجب الحجة لهم بترك الاعذار إليهم» (٢) ، فهم
__________________
(١) توحيد المفضل / ص ٤٥
(٢) نهج / خ ١٤٤