أدوات لحكم السلطة العادلة ، فلو لا القوانين التي تنظم العلاقة وتوزن مدى تطبيق القيم على الواقع لم يستطع الامام فرض العدل على الناس .. وهكذا كان الميزان أساسا هو العقل (الذي هداه الله لمعرفة المقاييس والمقادير) ، والامام الذي هو بمثابة العقل الظاهر ، ثم الانظمة والأدوات القياسية ، لأنها تهدي الناس للحق والعدل ، ولذلك جاء في التفسير : «نزل جبرئيل (ع) بالميزان (الكفتين واللسان) فدفعه الى نوح ، وقال : مر قومك يزنوا به» (١).
(لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)
وإقامة الشيء تنفيذه على أصلح وجه ، ومنه إقامة الصلاة إذا مارسها بوجهها الصحيح. والعوامل الثلاثة (البيان ، الكتاب ، الميزان) يكمل بعضها بعضا ، وهي كفيلة بأن توفّر المناخ المناسب لاقامة القسط ولتحقيق هدف رسالات الله.
والقسط ـ حسب الرازي ـ والاقساط هو الإنصاف ، وهو ان تعطي قسط غيرك كما تأخذ قسط نفسك ، والعادل مقسط ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، والقاسط الجائر ، قال تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (٢).
وحسب بعض اللغويين : قسط (بالفتح) قسطا (بالكسر) : عدل ، وقسطا (بالفتح) وقسوطا : جار وعدل عن الحق (٣) ، ثم اعتبر ذلك من الأضداد.
وأنّى كان فانّ مفردات استخدام الكلمة تدل على انّها ليست مجرد بسط العدالة الظاهرة ، بل هي اقامة العدالة الواقعية التي فيها المزيد من الإنصاف ، وإيتاء الحق
__________________
(١) جوامع الجامع للطبرسي عند الآية
(٢) تفسير الرازي / ج ٢٩ ص ٢٤٣
(٣) المعجم الوسيط (قسط)