لأهله.
والآية تصرح بأنّ اقامة القسط تكون بيد الناس أنفسهم ، فلم تقل : ليقوم الرسل بالقسط بين الناس ، بل قالت : «لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ» ، ولو انّ الناس تخلوا عن مسئوليتهم تجاه العدالة فان القسط لا يقوم ، لان رسالات الله توفر للناس فرصة اقامة القسط ، ولم يبعث الأنبياء لفرض العدالة بالإكراه على الناس.
وقيام الناس بالقسط يعني العدالة ، وإقامة الحق في سائر جوانب حياتهم ، مع الله ، ومع الرسول ، ومع القيادة الشرعية ، ومع الناس ، بل ومع الحياة ، فيتقون الله حق تقاته ، ثم يختارون الامام العدل ويسلمون له ويتبعونه ، قال الامام الرضا (ع) : «وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ» : وأقيموا الامام بالعدل (١) ، ويلتزمون الحق مع أنفسهم باتباع القصد من دون افراط ولا تفريط ، ومع الناس فلا يبخسون ، ولا يطففون ، ولا يظلمون ولا يعتدون ، ولا ينقضون العهد ، وهكذا يلتزمون العدل في علاقتهم مع الخليقة من حولهم ، فلا يفسدون في الأرض بعد إصلاحها ، ولا يهلكون الحرث والنسل ، ولا .. ولا ..
ولكن تبقى شريحة من الناس تخالف الحق ، من أجل هذا أنزل الله الحديد وسيلة رادعة لتنفيذ القسط وإقامته بين الناس ، ولا ريب ان القوة ليست الوسيلة المناسبة دائما ، فما يقرّه الإسلام شرعية القوة في الحالات الخاصة لا شريعتها.
(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ)
قال الامام علي (ع) : «يعني السلاح وغير ذلك» (٢) ، مما يحقق الغرض منه ،
__________________
(١) تفسير نور الثقلين / ج ٥ ص ١٨٩.
(٢) المصدر / ص ٢٥٠