وهو الردع وتنفيذ القسط. وهذا الشطر من الآية معطوف على (الكتاب والميزان) ولكن الله يذكر أولا الهدف من الحديد. لماذا؟ يبدو لكي يبيّن بصيرة هامة أنّ العوامل المتقدمة هي الأهم ، ولا بد ان تكفي في الظروف العادية «ليقوم الناس (أنفسهم) بالقسط» فلا يحتاجون الى إعمال الحديد وذلك لان القوة التنفيذية في الإسلام تستمد قوتها الاساسية من الايمان لا من السيف. وهنا نتساءل : إذا لماذا أنزل الله الحديد؟ الجواب : إنّما لأولئك الجبابرة والطغاة والمعاندين الذين قست قلوبهم عن وعي البينات والكتاب ، وعارضوا الميزان والقسط ، لمثل أولئك شرع الله استخدام السيف ، ورغب فيه ، فقد روي عن رسول الله (ص) انّه قال : «الخير كله في السيف ، وتحت ظل السيف ، ولا يقيم الناس الا السيف» (١) ، وقال الامام علي (ع) : «إن الله داوى هذه الامة بدوائين : السوط ، والسيف ، لا هوادة عند الامام فيهما» (٢) ، وقال الامام الصادق (ع) : «إنّ الله عز وجل بعث رسوله بالإسلام الى الناس عشر سنين ، فأبوا ان يقبلوا حتى أمره بالقتال ، فالخير في السيف ، وتحت السيف ، والأمر يعود كما بدأ» (٣) ، وقال الامام أمير المؤمنين (ع) : السيف فاتق ، والدين راتق ، فالدين يأمر بالمعروف ، والسيف ينهى عن المنكر ، قال الله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (٤).
(فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)
على الذين لا يقومون بالقسط (حيث الحدود ، والقصاص ، وسائر العقوبات الشرعية) ، وعلى الذين يظلمون ويحاربون العدالة (حيث الجهاد في سبيل الله) واستخدام الحديد كرمز للقوة ، باعتباره المادة الاساسية لصنع الاسلحة ووسائل
__________________
(١) بح / ج ١٠٠ ص ٩
(٢) شرح ابن حديد / ج ١ ص ٢٧٥
(٣) فروع الكافي / ج ٥ ص ٧
(٤) غرر الحكم طبعة إيران المترجمة حكمة (٢١٥٧) باب الألف