القوة ، وهنا يطرح السؤالين التاليين : الاول : إذا كان الإسلام يؤمن بالحرية فلما ذا القوة؟ والثاني : إذا كان الله سوف يحاسب الناس يوم القيامة فلما ذا السيف والجهاد في الدنيا؟ ونجيب على ذلك :
أولا : الإسلام بين الحجة والقوة :
أبرز اهداف الإسلام تحرير الإنسان من الأغلال ظاهرة وباطنة ، قال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) ، بلى. الرسول يخرج الناس من ظلمات الجهل والتخلّف والاستعباد ، الى نور العلم والتحضر والحرية ، ولكن كيف؟ هل بقوة المنطق أم بمنطق القوة؟ لقد بينت آيات عديدة أنّه لا إكراه في الدين ، وأنّ الرسول ليس بجبار عليهم ، قال سبحانه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) ، وقال سبحانه : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (٢) وتطبيقا لهذه الحقيقة في الواقع منع ربنا الرسول والمسلمين من إكراه الناس على الدخول في الدين الجديد ، فقال : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣).
إذا لماذا القوة؟ انما ضد فريقين : الاول : الذين يصادرون حرية الناس ، ويفرضون عليهم أغلالهم ، الثاني : الذين يخرجون على قوانين البلاد ، ويعيثون في
__________________
(١) الأعراف / ١٥٧
(٢) ق / ٤٥
(٣) يونس / ٩٩