الأرض فسادا ..
ثانيا : الإسلام والقوّة والحياة :
١ ـ أمّا لماذا القوة في الدنيا ما دام الله يحاسب الناس في الآخرة فيجزي المحسن والمسيء؟ فلأنّ الابتداء لا يتم إلّا عند توافر شروطه ، فلو أطبقت على الأرض حكومات الضلال وأفرغت على الناس دعاياتها السّامّة ، دون أن تسمح لأحد بنشر الدعوة إلى الله بينهم ، كيف تتمّ آنئذ حجة الله على سائر العباد. أو ليسوا كانوا يقولون : ربّنا لم تبلغنا الدعوة إليك ، ولم نسمع عن رسولك شيئا؟ إذا لا بدّ أن يسعى المؤمنون لتوفير جوّ الامتحان ليهتدي من اهتدى عن بيّنة ، ويضلّ من ضلّ عن بيّنة.
٢ ـ ثم أنّ الّذين يعارضون استخدام القوة من قبل المؤمنين لا ينظرون إلى الجهاد إلّا من زاوية المضاعفات السلبية التي تستتبعه ، وبالذات من زاوية بطش الحكومات الفاسدة بالمجتمع والمجاهدين أنفسهم ، في حين يجب عليهم النظر من زاوية المعطيات الإيجابية للجهاد على صعيد الدنيا حيث الحرية والاستقلال والأمن والتقدم وسائر مضامين إقامة القسط ونتائجه ، وعلى صعيد الآخرة حيث رضوان الله وجنّته ، وهذه بعض المنافع التي جعلها الله للحديد.
(وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ)
فالحديد سلاح يساهم في إقامة القسط ، وهو في ذات الوقت معدن يتدخّل في كثير من الصناعات ومرافق الحياة.
وإنّ السعي لإقامة الحق والعدالة بين الناس يتسبّب في صراع مصيري بين أنصاره ورسله (حزبه) وأنصار الباطل وأئمة (حزب الشيطان) فيميّزهم عن