إلى أهدافهم ، وهي الالتزام بالإنجيل ، واتباع عيسى ، والمحافظة على أشخاصهم وحيثيّات شخصيتهم أن تماث في الواقع الجديد ، ويلخّصها القرآن في كلمة هي رضوان الله.
(وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ)
ماذا تعني هذه الفقرة من الآية ، فهل الرهبانية كتبها الله عليهم ، فما ذا تعني إذا كلمة «ابتدعوها» ، وهل هم الذين استحدثوها ، فما ذا يعني إذا قوله : «ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ»؟
الذي يبدو لي : أنّ لفظة الرهبانية معطوفة على قوله سبحانه : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً) ، حيث أنّ الله أوجد فيها عبر الإنجيل وعبر سيرة المسيح عيسى بن مريم (ع) ثلاثة أنوار : نور الرأفة ونور الرحمة ونور الخشية من الله والرهبانية ، ولكنّهم ابتدعوا هذه الرهبانية وغيّروا فيها ، كما أنّ الزهد أساسا فضيلة دعا إليها الإسلام إلّا أنّ طائفة من المسلمين ابتدعوها وجعلوا لها وسائل غير لائقة ممّا دعا أئمة المسلمين إلى التبري منهم.
إذا الابتداع لم يكن في أصل الرهبانية التي تعني الخشية من الله ، وإنّما في فروعها من اعتزال المجتمع في الأديرة ، ووضع طقوس خاصة بها ، وعلى هذا التفسير يكون قوله سبحانه : «ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ» تبيانا للابتداع حيث أنّ الله كتب الرهبانية عليهم بهدف ابتغاء مرضاته فما رعوها حق رعايتها فحرّفوها.
وقال البعض : إنّ الآية تشير إلى أنّهم ابتدعوا أصل الرهبانية ابتغاء رضوان الله ، وأنّ الله لم يكتبها عليهم.
وقالوا : ليس بالضرورة أن يكون الإبداع مكتوبا بحذافيره في الرسالة ليكون