ما رهبانية أمتي؟ قال : الهجرة والجهاد والصلوة والصوم والحج والعمرة».
وفي حديث آخر أنه قال : «يا ابن مسعود! اختلف من كان قبلكم على اثنين وسبعين فرقة ، نجا منها ثنتان وهلك سايرهم ، فرقة قاتلوا الملوك على دين عيسى فقتلوهم ، وفرقة لم يكن لهم طاقة لموازاة الملوك ، ولا أن يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم إلى دين الله تعالى ودين عيسى ، فساحوا في البلاد وترهّبوا ، وهم الذين قال الله : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) ، ثم قال النبي (ص) : من آمن بي وصدّقني واتبعني فقد رعاها حقّ رعايتها ، ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون(١)
وهذه الرواية في الواقع موافقة لما نعرفه من مقاييس الشرع ، وهي تفسّر الرواية التي تنقلها المذاهب الإسلامية كلّها عن النبي (ص) بأن الأمّة سوف تفترق بعده (٧٣) فرقة كلّها هالكة إلا واحدة ، وهي التي تقاتل الطغاة. أمّا الذين يعتزلون الساحة ، ويتفرّجون على صراع الحقّ والباطل ، أو الذين يتابعون الملوك والتّيار العام في المجتمع صحيحا كان أو مخطئا ، فليسوا من الناجين ، ومن هنا يتضح لنا أنّ الحديث الذي يشير إلى أنّ الفرقة الناجية من أمّة محمد (ص) هي التي تتبع الجماعة والأكثرية ولا تخالف الجبابرة والطغاة هو حديث موضوع على يد حكّام الجور ومن أيّدهم من أدعياء الدّين.
ومع أنّ الفرق والمذاهب التي يصير إليها الناس كثيرة إلّا أنّ القرآن يصنفها إلى خطين : خط الحق وخط الباطن.
(فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ)
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٥١ ـ ٢٥٢ / الجامع لأحكام القرآن للقرطبي / ج ١٧ ص ٢٦٥