وتجسد القيادة الرسالية هذه البصائر فيما تطرحه من مواقف أو تصدره من أوامر ، لذلك فهي أيضا نور للمتقين المتمسكين بها.
ومع أن مصدر النور هو الوحي إلّا أنّنا بحاجة إلى القيادة الرّبانية ، لأنّها الأقرب الى حقائق الوحي ، فهي المرآة الصافية التي تعكس حقائقة بصدق وأمانة ووعي ، وما أحوجنا إلى هذا النور ونحن نعيش في عالم كثرت فيه البدع ، والمذاهب الضّالة ، ووسائل الاعلام والثقافة المضلّلة.
قال الإمام الباقر (ع) : «نُوراً تَمْشُونَ بِهِ» يعني إماما تأتمّون به (١) وهكذا عن الصادق (ع). وإنّ المهم ليس أن يتحرّك الإنسان أو يمشي ، إنّ المهم أن تكون حركته في الطريق المستقيم نحو الأهداف التي خلق من أجلها ، وهو لا يصير إلى ذلك إلّا بالنور ، والله هو الذي يجعله في قلبه (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) (٢) ، والجعل إمّا يكون مباشرا عبر الوحي وإمّا غير مباشر عبر المقاييس والموازين التي يشخّص بها القائد للناس.
وحينما يضيف الإنسان إلى إيمانه التقوى واتباع القائد الصالح فإنّ ذلك سيطهّر قلبه وسلوكه من الانحرافات والذنوب ، فالتقوى تخلص نيته وتدفعه للطاعة كما تجنّبه المعصية ، والقيادة تنير له الدرب ليشق طريقة على بصيرة وهدى.
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[٢٩] التقوى هي المقياس لا الاعتبارات العرفية والعنصرية والقومية والمادية أو غيرها لأنّها ساقطة في الإسلام ، وتبقى قيمة واحدة هي التقوى كما قال الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٥٢
(٢) النور / ٣٥