لديها ، وتحاورها في مختلف القضايا والمواضيع ، تستمع القول وتبدي الرأي ، باعتبارها مكلّفا له حقوقه وعليه واجباته الشخصية ، بل باعتبارها جزءا من الأمّة يهمّها أمر الإسلام والمسلمين ، وينعكس عليها التقدم والتخلف ، والنصر والانكسار ، فهذا الرسول القائد لا يصدّ خولة عن التصدي لموضوع الظهار لأنّها امرأة ، إنّما يستقبلها بصدره الرحب رغم إلحاحها ، وهي تروم الوقوف بوجه مشكلة تهمّ كلّ مسلم ومسلمة ، وتتصل بالنظام الاجتماعي للأسرة. وقد تعوّدت هذه المرأة على هذه الخصلة ، كما تعودت سائر النساء والرجال في العهد الأول ، على ممارسة حريتهم في مواجهة ما كانوا يرونه خطأ ، فقد روي أنّ عمر بن الخطاب مر بها في خلافته والناس معه على حمار ، فاستوقفته طويلا ووعظته ، وقالت : يا عمر قد كنت تدعى عميرا ، ثم قيل لك عمر ، ثم قيل لك أمير المؤمنين ، فاتق الله يا عمر فإنّه من أيقن بالموت خاف الفوت ، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب. (١)
[٢] ويعالج القرآن مشكلة الظهار في البدء بنسف التصورات الجاهلية بأنّ الزوجة تصبح أمّا لزوجها بمجرد أن يقول لها (أنت عليّ كظهر أمّي) ، وذلك من زاويتين :
الأولى : الزاوية الواقعية ، فالأمومة ليست صفة اعتبارية يمكن إعطاؤها بالكلام كما العقود. إنّها ليست كالمال يكون لك فتملّكه غيرك هبة أو بيعا أو وراثة ليصير ماله ، إنّما هي صفة تكوينية طبيعية يعبّر بها عن علاقة شخصين أحدهما والدة والآخر مولود.
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ
__________________
(١) القرطبي / ج ١٧ ص ٢٤٩