الثانية : الزاوية الشرعية ، فالشرع قائم على أساس الواقعيات ، وإنّما يحرّم زواج الرجل من أمّة الحقيقية ، وليس الزوجة كذلك ، فهي لا تحرم على زوجها لمجرّد الظهار ، لذلك يسفّه ربّنا رأي الجاهليين بأنّه غير مقبول عند العقل وأنّه باطل فيقول :
(وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ)
والمنكر خلافا للمعروف الذي يعرفه العقل.
(وَزُوراً)
والزور هو القول الباطل والحكم الذي لا يستند إلى حقّ ولا واقع ، قال الله : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (١) أي الشهادة الكاذبة.
(وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)
يعفو عن المنكر ويغفر الزور لمن تاب وعمل بالإسلام بعد الجاهلية ، فإنّه يجبّ ما قبله ، إذا فالظهار ليس كما يظنّ الجاهلون لا رجعة بعده ، بلى. ذلك في الجاهلية المقيتة التي لا تقوم إلّا على الباطل ، ولا تنتهي إلّا إلى تكبيل الإنسان وتحطيمه ، أمّا دين الله فهو يقوم على الحق ولا يستهدف إلّا خيره ورحمته وهداه.
وإذا كانت هاتان الصفتان لله تزرع فينا الأمل والرجاء فإنّ نزولهما يومئذ لا ريب أخذ فعله الإيجابي الواسع والعميق في نفوس الكثير وحياتهم الاجتماعية والأسرية ، حيث وضع عنهم الإسلام إصرا وغلا من إصر الجاهلية وأغلالها ، طالما ظلّوا في ربقته يشتكون الدمار والأسر ، وبالذات أولئك النساء الضعيفات اللواتي
__________________
(١) الفرقان / ٧٢