(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)
ولعلّ الذكر أعرض عن ذكر خيار الطلاق تأكيدا على ترجيح العودة ، ممّا يدخل في سياق الحفاظ على الأسرة ، ولا تجوز العودة إلى المعاشرة الجنسية إلّا بعد التكفير ، وهذا الشرط يذيق الإنسان جزاء اللجوء إلى عادة الظهار.
ومن حكمة الله ودقة تشريعه أنه فرض كفّارة في علاج مشكلة الظهار ، هي بحدّ ذاتها علاج لمشكلة أخرى هي الرقيق أو المسكنة ، إذ أوجب كحكم أوّلي مقدّم على غيره أن يكفّر المظاهر عن نفسه بتحرير رقبة مملوكة قبل أن يجامع زوجته ، وهذا الأمر يوجّه الشهوة الجنسية كدافع قوي للإنسان نحو فعل الخيرات. ويلاحظ في الإسلام اهتمامه بعلاج مشكلة الرق في كثير من المواضيع والأحكام بصورة الفرض تارة وباعتبار ذلك الخيار الأقوم تارة أخرى.
ولعلّ قائلا يقول : ولماذا يفرض هذا العقوبة الثقيلة جزاء لموقف يتلخّص في كلمات قليلة (هي صيغة الظهار)؟ ولكن لنعلم أنّ العلاقة الزوجية ليست أمرا هيّنا ، إنّما هي مهمّة ويجب أن يحيطها الإسلام بسور لا تخرقه الأهواء والنزوات العاجلة ، فهي مرتكز المجتمع ، ومدرسة الأجيال الناشئة ، كما وأنّ التجربة الحضارية للأمّة تتركّز فيها ، فلا يجوز إذا الاعتداء على حرمتها وهدمها من أجل الشهوات والانفعالات العابرة.
(ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ)
إنّه رادع عملي للوقوف ضد تهديد كيان الأسرة ، والتوسّل بالعادات والقيم الجاهلية ، أمّا الرادع الأهم والذي ينمّيه الدين في نفوس أتباعه ، ويعتمده في النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، فهو تقوى الله وخشيته ، الذي يتأسّس على