وقد نستلهم من الآية بصيرة أخرى : أنّ الله خبير بالتشريع المناسب لهذه الظاهرة ، فهو حينما عالج الظهار فرض تحرير رقبة للكفّارة فإنّ ذلك كان مناسبا لحلّ المشكلة ، إذ أنّه الخبير الذي يعلم بمدى خطر الظهار الذي يهدم كيان الأسرة ويفككها ، وما يؤدّي إليه من المفاسد الفردية والاجتماعية والحضارية ، والمرأة الأنصارية (خولة) قد أشارت إلى جانب من تلك المفاسد إذ قالت بحضرة الرسول (ص) : «وإنّ لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا» (١) ، فالأب عنده القدرة المالية لقوتهم ولكنّه يفقد القدرة الكافية لتربيتهم ، والأمّ بالعكس.
وهناك ملاحظة نجدها في الآية وهي : إنّ الله لم يجعل لظهار المرأة أيّ اعتبار ، إنّما جعلها مظاهر منها ، وقال «الذين» يعني الرجال ، لأنّها أقرب إلى الانفعال ، وأسرع تأثّرا بعامل العاطفة. عن السكوني قال أمير المؤمنين (ع) : «إذا قالت المرأة زوجي عليّ كظهر أمّي فلا كفّارة عليهما» (٢) ، وهذه الرواية تؤكّد بالإضافة إلى ظاهر الآية أنّ ما يترتب على الظهار (الكفّارة ، والامتناع عن الجماع إلّا بعدها) مجرّد عقوبة يقرّها الشرع ، وليس من باب الاعتراف بهذه العادة.
[٤] (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ)
رقبة يعتقها ، إمّا لعدم وجدان ثمنها أو لعدم وجودها أساسا ..
(فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ)
متصلين لا ينقطعان إلّا بسبب مشروع ، ولو انقطعا يوما واحدا وجب عليه تجديد
__________________
(١) التفسير الكبير / ج ٢٩ ص ٢٤٩
(٢) الوسائل / ج ٥ ص ٥٣٤