إلى الضلال والتجاوز على الحق ، وتشكيل حركة سرية ترتكز على المبادئ الثلاثة التي تضمنتها النجوى.
(وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ)
إذ كانوا يقولون : السام عليكم ، بمعنى السأم ، أي أنّك يا رسول الله سوف تسأم من رسالتك ، أو السام بمعنى الموت عند اليهود ، ومن الطبيعي أنّ المسلّم إذا كان بعيدا ولا يظنّ أحد فيه سوء لا يتضح قصده في مثل هذه العبارة القريبة من السلام في ظاهرها وحروفها ، إلّا أنّ الرسول كان متنبها للمنافقين واليهود ، وكان يردّ عليهم بكلمة واحدة «وعليكم» أي أردّ عليكم ما رميتموني به ، وقد فضحهم الوحي بعد ذلك عند كلّ المسلمين ، ولكي يعلموا هم أنفسهم أنّ الله بكلّ شيء عليم ، وأنّه يعلم القضايا الظاهرة كقضية المجادلة ، والأخرى الباطنة كنجواهم. وهنا لك تفسير آخر للتحية ، وهي أنّهم يحيون الرسول ب (أنعم صباحا ، وأنعم مساء) وهي تحية أهل الجاهلية ، مع أن الله أمرهم بتحية الإسلام في محضر الرسول (السلام عليكم).
وهناك تفسير ثالث أنّهم لم يكونوا يحيّون الرسول بصفته قائدا للأمّة ، وإنّما بصفة شخصية كقولهم : (السلام عليك يا أبا القاسم) وهذا التفسير أنسب لمفهوم السياق ، بالرغم من أنّ التفسير الأوّل قد وردت به نصوص تاريخية ، فقد روي عن عائشة أنها قالت : جاء أناس من اليهود إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، فقلت : السام عليكم وفعل الله بكم ، فقال عليه السلام : «مه يا عائشة فإنّ الله لا يحبّ الفحش ولا التفحّش» ، فقلت : يا رسول الله ألست ترى ما يقولون؟ فقال : «ألست ترين أردّ عليهم ما يقولون؟