والقرآن يحرّم المضامين الباطلة والسيئة للنجوى ، وفي نفس الوقت يدعو إلى التناجي بالخير والصلاح ، فيما إذا أرادوا التناجي.
(وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى)
والبر هو الحق والإحسان وسائر المضامين الخيّرة المرضيّة عند الله والتي تقرّب إليه ، وهو نقيض الإثم ، قال تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) (١) ، كما أنّ التقوى نقيض العدوان ، وذلك أنّ العدوان ينبعث من انعدام الورع عن محارم الله ، والخوف منه ، ولا بد أن يقاومه المؤمنون من الجذور في شخصيتهم ، وذلك بتركيز تقوى الله في نفوسهم ، كما أنّ العدوان صورة للتعدي على حدود الله في العلاقة مع المجتمع ، والتقوى هي الداعي الأكبر للالتزام بأحكامه وشرائعه وحدوده.
وتأتي أهمية التناجي بين المؤمنين على الصعيد الاجتماعي كوسيلة فضلي إلى النقد البنّاء ، بالنصيحة ، قال الإمام العسكري (عليه السلام) : «من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه» (٢) ، وعلى الصعيد السياسي كاستراتيجية مهمة في مواجهة الظالمين والأنظمة الطاغوتية.
ثمّ يؤكّد القرآن ضرورة أن لا تخرج المناجاة بين المؤمنين عن سياق التقوى ، الأمر الذي يتحقّق بتحسّس رقابته ، وتذكّر البعث والجزاء.
(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)
إنّ الإحساس بشهادة الله وحضوره مع المتناجين هو الضمان الوحيد لإنباذ
__________________
(١) المائدة / ٢
(٢) بح / ج ٧٨ ص ٣٧٤