وساوس الشيطان من جلسات المؤمنين الخاصة ، وذلك أنّ أكثر الروادع التي تمنع السقوط في وادي الغيبة والتهمة والتعصّب لجماعة ضد أخرى تتلاشى في جلسات الخلسة والخلوة ، هنا لك يحسّ الإنسان برفع الكلفة والتحرّر من ضغط المجتمع ، ولكن أليس الله ينظر إليهم ويسمع تحاورهم. أليس يحاسبهم غدا على الملاء العام. أفلا يتقوه؟
حقّا : إنّها جميلة ورائعة حياة جماعة المؤمنين الذين إذا انتجى اثنان منهم تواصيا بالبرّ ، ورسما خطة لتقديم الخير لغيرهما ، وتناصحا بالتعاون مع الآخرين.
[١٠] ويعود السياق إلى التأكيد على حرمة النجوى السيئة ، ووقوف الشيطان وراءها ، وبيان أهم أهدافها الخبيثة ، وضرورة التوكّل على الله لمقاومتها لإبطال مفعولها السلبي في النفوس وفي واقع المجتمع.
(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ)
العدو الأوّل والأخر للإنسان المؤمن ، وإنّما يتناجى المنافقون مع بعضهم بتلك المضامين السيئة لأنّه كان يأمرهم بذلك ، وكلّ نجوى سلبية فهي بدوافع شيطانية ، كالهوى ، والطمع ، والمصالح المادية ، وحبّ التفريق بين المؤمنين. ولعلّ الآية تدل على أنّ الأصل في النجوى الكراهة ، لأنّها مظنّة الغيبة والتهمة ومركز المؤامرة ضد النظام ، ولأنّ الشيطان يكون عند النجوى أقوى منه في أيّ حال آخر ، ومن هنا يحسن تجنّب النجوى إلّا عند الحاجة.
(لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا)
إنّهم يحزنون حينما يلاحظون التكتلات السرية المعادية لمبادئهم ومصالحهم ، خوفا من غلبتها وحكمها في المستقبل ، فإنّ ذلك يطفئ شعلة الإسلام في الأمّة.