المؤمن غير العالم ، كما لم يرض للمؤمن إلّا أن يرفع على من ليس بمؤمن ، أخبروني عنه قال : «يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ» أو قال : يرفع الله الذين أوتوا شرف النسب درجات؟ أوليس قال الله عزّ وجلّ : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فكيف تنكرون رفعي لهذا لما وفقه الله؟! إنّ كسر هذا فلان الناصب بحجج الله التي علّمه إيّاها لأفضل له من كلّ شرف في النسب (١)
[١٢] وتعود الآيات إلى الحديث عن النجوى ولكن من زاوية أخرى ، وهي النجوى مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، لتأمر المؤمنين بدفع صدقة قبلها مؤكّدة بأنّ ذلك خير وأطهر لهم ، يقول تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)
من أجل التعالي على الناس كان فريق من المسلمين يتخذون مواقع متقدّمة في المجالس ، ويشغلون صدرها القريب من الرسول ، وكانوا يتظاهرون أنّهم أقرب إليه من غيرهم ، فكانوا يتناجون معه ، وعادة لم يكونوا يقولون له ما ينفع أو ما يقتضي السرية ، وربما كانوا يستغلّون أوقات الرسول الثمينة بتوافه الأمور ، لذلك أمر الله المسلمين بإعطاء الصدقة قبل التناجي.
ولكن لما ذا فرضت الصدقة بالذات؟ لعلّه للحكم التالية :
١ ـ لأنّ وقت الرسول للأمّة كلّها وعلى من يستغلّه أن يدفع ضريبة لصالح المجتمع ، فإنّ الصدقة لا ريب سوف لا يستهلكها النبي وهي عليه حرام ، إنّما سيوظّفها من أجل رفع الحرمان ، وإصلاح شؤون المسلمين.
__________________
(١) الاحتجاج / ج ٢ ص ٤٥٥