٢ ـ ولأنّ المتناجين مع النبي كان أكثرهم من طبقة الأغنياء ، فلكي لا يشعر الفقراء بالغبن فرض الله على الأغنياء صدقة لصالحهم.
٣ ـ ثم أنّها كانت إشارة لأولئك الذين يزاحمون النبي بالتناجي في أمور لا تجدي نفعا ، أو من أجل التفاخر ، بأنّ الأمر ليس مرضيّا ولا طبيعيا عند الله ولدي رسوله (ص) ، وبالفعل أدرك الكثير هذه الحقيقة ، واستطاع القرآن علاج تلك الظاهرة في مواردها السلبية.
٤ ـ ولأنّ البعض اتخذ التناجي مع النبي أمام المسلمين للتفاخر عليهم والتظاهر عندهم بالشخصية الهامّة المقرّبة ، وهذا أمر سلبي جاءت الصدقة علاجا وتطهيرا للنفوس من هذه الخلفيّات السيئة.
(ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ)
ولم يغفل الله وهو الحكيم طبقة الفقراء الذين لا يطيقون دفع الصدقة ، لذلك أعذرهم وسمح لفهم بالتناجي مع النبي ، فقال يخاطبهم.
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
وفي هذه الآية إشارة بأن المعني بتقديم الصدقة كان طبقة الأغنياء ، لأنّهم يستطيعون دفعها ، وقد رأيناهم كيف كفّوا عن التناجي ، فتبيّن للمسلمين طبيعتهم وطبيعة أحاديثهم التي يزاحمون بها النبي (ص) والمسلمين أيضا.
وبقي الإمام علي (ع) مستمرّا في تناجيه مع رسول الله (ص) لأهمية ما يتباحثه معه ، ولعلمه بسلامة ما يقوم به ، وأنّ التناجي مع النبي يستحقّ أن يقدّم له المؤمن أكثر من ذلك ، ولم يكن ثريّا ، بل لم يكن يملك يومئذ إلّا دينارا واحدا لهذا