الايمان والانتماء والولاء ، ليسوا إلا من حزب الشيطان ، وسوف يعذّبهم الله ، دون أن يستطيعوا التهرّب من عذابه بوسيلة ، ولا خداعه بيمين وحلف ، لأنّه الشاهد على كلّ شيء والعليم الخبير به ، وهو يعلم بواقعهم الذي ينطوي على الولاء لأعداء الله والرسالة ، وأعداء المؤمنين والقيادة الرسالية ، بحثا عن العزّة والشرف ، فكيف يكون هؤلاء من المؤمنين الصادقين وهم يحادّون الله ورسوله بهذا العمل القذر ، ويتخلّفون عن حدوده وأحكامه؟ أم كيف ينالون عزّة وليست إلّا لله ولرسوله وللمؤمنين؟ كلّا .. إنّهم ليسوا من المؤمنين ، ولن يصيروا إلا إلى ذلّ بعد ذل.
بلى. إنّ هؤلاء المنافقين المزدوجين الشخصية كانوا يبحثون عن المناصب والرفعة باعتبارهم الأكثر مالا ، وأتباعا ، ولما في نفوسهم من المرض ، وليس لأنّهم الأكفاء ، فراحوا يطلبون العزّة ، ويسعون لهذه المطامع من خلال التعاون مع أعداء الأمّة الإسلامية ، وبيع أنفسهم عمالة لهم ، لعلّهم ينتصرون جميعا على الرسول ، ويطفؤون شعلة الرسالة ، فتتحقق مطامعهم ، وينالون أغراضهم المشؤومة ، وقد غاب عن هؤلاء أنّ الله صاغ الوجود على أساس انتصار الحق ، وكتب ذلك في سننه ، وحتّم تنفيذه بقوته ، وأراد لنفسه ولحزبه العزّة ، ولأعدائه الهزيمة والذل.
وختاما للسورة ولهذا السياق يحدّد الله أهمّ المواصفات للمؤمنين الحقيقيين ، الذين هم حزبه المفلحون ، وأهمها بعد الإيمان بالله واليوم الآخر التبرّي من أعداء الله ورسوله ورسالته ، لا يميّزون في ذلك بين أحد وأحد ، إنّما يعادون من أجل تولّيهم وانتمائهم كلّ عدو «وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ» ، ممّا يدلّ على تجذّر الإيمان في قلوبهم ، وإخلاصهم للحق ، وتأييد الله لهم بروح منه ، لأنّهم أولياؤه بحقّ وصدق. «أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ» الذين يستحقّون تأييده وجناته ورضوانه ، وذلك هو الفلاح.