بيّنات من الآيات :
[١٤] كما يكنّ المنافقون العداء للأمّة الإسلامية ، وللرسول والرسالة ، ويتحرّكون على الصعيد الداخلي لإيجاد حركة سرّية معارضة للحركة الرسالية المباركة ، وتيّار اجتماعيّ عاص لقيادتها ، فإنّهم على الصعيد الخارجي يعقدون ولاءهم للقوى المعادية للأمّة ، وبازدواجية الولاء تطمع هذه الفئة تثبيت مركزهم الاجتماعي والسياسي.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ)
وذلك أنّ المنافقين يومئذ تحالفوا مع اليهود ، وأظهروا العمالة لهم (الولاء) ، بالقلب حبّا ، وبالعمل طاعة. واليهود ليسوا إلّا مصداقا للذين غضب الله عليهم ، كما أنّ الذين تولّوهم من مصاديق النفاق والمنافقين ، وإلّا فهذا الواقع قائم بكلا مصداقية في عصرنا الحاضر ، ولكن بصور ومصاديق مختلفة ، فهناك الأحزاب والشخصيات الضالّة التي توالي أعداء الأمّة في الغرب والشرق.
ومن طبيعة المنافقين أنّهم لا يفصحون عن ولاءاتهم الحقيقية ، إنّما يتظاهرون بين المسلمين ولدي القيادة بمظهر المخلص ، حتى أنّهم يتكلّفون أكثر من غيرهم في ادّعاء الإيمان والإخلاص خشية الفضيحة. ولكنّ ذلك لا يغيّر من الواقع شيئا ، وماذا يبقى للذي يوالي أعداء الله من الإسلام حتى يدّعيه؟ بلى. قد يصلّي المنافقون ويصومون ويحجّون وما أشبه ، ولكنّ ذلك كلّه لا يسوى عند الله شيئا ما دامت العبادات مفرغة من أهم مضامينها وقيمها يعني التولّي ، ولذلك ينفي القرآن انتماءهم إلى المسلمين رغم المظاهر الدينية في سلوكهم.
(ما هُمْ مِنْكُمْ)