أنّ الإنسان يبعث بخلقياته وطبائعه التي يموت عليها ، بلى. ليس يبعث الإنسان بجسمه وحسب ، بل وبكلّ خصائصه النفسية والسلوكية ، فترى الكاذبين يومئذ بأفواه نتنة ، والمتكبّرين في صورة ذرّ يطأهم الناس بالأقدام ، والمنافقين بوجهين لازدواج شخصيتهم في الدنيا.
(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ)
أي شيء من شأنه يمضي مكرهم وخداعهم عند الله ، قدرة ، أو مالا ، أو نصيرا ، أو ما أشبه ، كلّا .. فإنّ الله لا تخدعه المظاهر ، ولا الإعلانات ، ولا .. ولا ... لأنّه شهيد على سرّهم وجهرهم ، عليم بحقيقتهم ، خبير بما عملوا وما يعملون.
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ)
عند أنفسهم إذ «يَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» ، وعند الله الذي لا تخفى عليه خافية. وحلفهم الباطل هو جزء من كذبهم.
والآية تهدينا إلى نسف قاعدة النفاق ألا وهي الزعم بأنّ الإيمان هو هذه الممارسات القشرية ، هذه اللحى المرسلة ، والثياب القصيرة ، والشعارات الفارغة ، والأيمان المغلّظة ، والمبالغة في ادّعاء الالتزام بالدّين ، كلّا .. إنّ كلّ ذلك ليس من الإيمان في شيء ما دام في القلب مودّة للكفّار ، وولاء لهم!
لأنّ الإيمان ـ أصل الإيمان ـ هو تولّي الله وأولياءه ، والبراءة من أعداء الله.
[١٩] ثم يبيّن القرآن واحدا من العوامل الخفية والمهمة التي تقف وراء شخصيتهم التافهة. إنّه استسلامهم للشيطان ، يسوقهم سوقا حثيثا حيث يشاء.