وقد اعتبر أئمة الهدى الحب هو الدين ، ويجيب الإمام الصادق (عليه السلام) سائلا سأله عن الحبّ : هل هو من الإيمان؟ فيقول : ويحك وهل الدّين إلّا الحبّ؟ ألا ترى إلى قول الله : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)؟ أولا ترى قول الله لمحمد (صلّى الله عليه وآله) : «حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ»؟ وقال : «يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ» فقال : «الدين هو الحب ، والحبّ هو الدين» (١) وعنه (عليه السلام) قال : «قال رسول الله لأصحابه : أيّ عرى الإيمان أوثق؟» فقالوا : الله ورسوله أعلم ، وقال بعضهم : الصلاة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصوم ، وقال بعضهم : الحج والعمرة ، وقال بعضهم : الجهاد ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «لكل ما قلتم فضل وليس به ، ولكن أوثق عرى الإيمان الحب في الله ، والبغض في الله ، وتولي أولياء الله ، والتبري من أعداء الله عزّ وجلّ» (٢) وكيف لا يحب المهاجرون ، والمنتصرون ، والسابقون الى الإيمان من يلحق بهم ، وقد جاؤوا ليحققوا أهم أهدافهم وهو نصرة الدين؟!
وكلمة أخيرة : إن المؤمن الصادق محكوم بمعادلة التولي والتبري ، وبالتالي فإن نسبة تبرية من الأعداء هي من وجهها الآخر تولي للمؤمنين : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (٣).
واننا اليوم نسعى من أجل المجتمع المسلم فلا بد أن نبدأ بأنفسنا ، ونجعل تجمعنا ربّانيا إلهيا ، يدور على محور الحب في الله ، والبغض في الله ، حتى يباركه الله من فوق عرشه ، ويرعاه بنصره وتأييده.
__________________
(١) المصدر
(٢) المصدر / ص ٢٦٤
(٣) الفتح / ٢٩