وكلما ازداد صراعنا مع أعداء الله شدّة وعنفا كلما ازددنا تلاحما وتماسكا وانصهارا في بوتقة التوحيد.
ثانيا : التجرد عن الحسد للاحقين .. مهما أوتوا من شيء مادي أو معنوي ، فصدورهم صافية طاهرة ، لا تنطوي على غلّ ولا حساسية تجاه إخوانهم ، كما أنها واسعة لا تضيق بتقدمهم أو تقديمهم ، لما هي معمورة به من الإيمان والوعي ، والواحد منهم متجرّد عن ذاته للقيم ، وللأمة كلها ، فلا يرى أن الإنتصار أو الدولة أو المغانم أو المناصب حكرا له أو لفريق دون آخر ، انما هي للجميع ، كما يرى أن تقدم أي فرد أو جهة هو تقدّم له أيضا.
(وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا)
لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، والرأي للقيادة الرسالية تقرّر ما تراه مناسبا ، والحق لصاحب الكفاءة ، وليست لأحد الوصاية في فضل الله وما له وما للأمة ، فلما ذا الحسد والتقاتل على المكاسب والمراتب؟! ان المؤمنين يسعون بكل ما أوتوا لدعم إخوانهم ، ورفد مسيرتهم لكي يتقدموا ويعلو شأنهم ويعلو من خلالهم شأن الدين والأمة ، وما يؤسف له اليوم أن نرى في الأمة فريقا من مرضى القلوب الذين يجهدون بكل ما أوتوا من حول وطول ومكر من أجل تحطيم كل قيادة ناشئة تبرز في الساحة ، وترى في صدورهم الف الف حاجة مما أوتي أولئك من الفضل والسمعة.
وقد وقف الإسلام موقفا صارما من الحسد حتى عدله بالشرك والكفر والنفاق. قال الإمام الصادق (عليه السلام) : «يقول إبليس لجنوده : ألقوا بينهم الحسد والبغي (يعني المؤمنين) فإنهما يعدلان الشرك» (١) وقال (عليه السلام) محذرا :
__________________
(١) بح / ج ٧٥ ص ٢٧٨