رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فنظر إليهما وتبسم وتلا هذه الآية (١).
هكذا ينبغي للمؤمنين وبالذات المجاهدين منهم ان يتساموا إلى هذا الخلق الرفيع في تعاملهم مع بعضهم ، ولن يبلغوا ذلك حتى يتجاوزوا أصعب عقبة تربوية وعملية وحضارية ، تغلّ الأفراد والتجمعات والأمم عن النهوض والارتفاع في آفاق التقدم والفضيلة وهي النفس ، التي يعدها الإسلام (قرآنا وسنّة) أعدى أعداء الإنسان ، الذي إذا انتصر عليها صار الى السعادة والفلاح.
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
فبالقدر الذي يسعى الإنسان إلى المزيد من العلم ، ينبغي ان يسعى بأضعافه إلى تزكية نفسه وكمال أخلاقه ، وإنما اعتبر القرآن الوقاية من شح النفس هي الفلاح لأنه رأس كل خطيئة وانحراف في حياة البشر ، فهو أساس الكفر والشرك والظلم والحسد و.. و.. إلخ ، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ : «البخل جامع لمساوئ العيوب ، وهو زمام يقاد به إلى كلّ سوء» وهل أنزل الله رسالاته وبعث رسله إلا ليخرج الإنسان من سجن شح النفس؟ وإنّ الشحيح لا يرى إلّا ذاته ، كما لا يرى المسجون الا جدران زنزانته. ولكن ما هو السبيل الى التحرر من هذه التهلكة؟ انه التوكل على الله والاستعاذة من شر النفس الأمارة بالسوء ، والانفتاح على هدى القرآن وبصائر السنة ، وتقبل نصائح الواعظين ، والتعبير القرآني بليغ للغاية إذ يقول : «يوق» مبني للمجهول ، أي أن الله هو الذي يحرر الإنسان ، وينقذه من ذلك.
ومشكلة الإنسان أنه يحسب السعادة تتمثل في اتباع الأهواء ، وإشباع شح
__________________
(١) مجمع البيان / ج ٥ ص ٢٦٠