النفس ، ولكنه لا يعلم أن ذلك يجعله عبدا ضعيفا لها. أليس محب الرئاسة يتبع هوى المنصب أنّى اتجه ، ويلخص كل كيانه فيه ، حتى عواطفه وعقله وصلاته الإنسانية يجعلها جميعا وقفا للمنصب!
كذلك المولع بالثروة يرى الدنيا من خلالها فلا يجد حرجا من مسخ شخصيته الإنسانية من أجل المال ، فيولد إنسانا متكاملا ، ويموت وهو لا يملك من خصائص الانسانية شيئا.
ان التحرر من حب الرئاسة ، وحب الثروة ، والخروج من شح النفس ، جعل المؤمنين أحرارا ، منطلقين في رحاب الحياة ، بلا قيود ولا أغلال.
وبما أن الإيثار قمّة الفضيلة فإن بلوغها بحاجة إلى عملية تربوية متواصلة ، وذلك بالاستعاذة بالله سبحانه من الحرص والبخل وشح النفس .. فقد جاء في الخبر المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) فيما رواه عنه أبو بصير قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يتعوذ من البخل؟ فقال : نعم. يا أبا محمد في كل صباح ومساء ، ونحن نتعوذ بالله من البخل لقول الله : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١).
وفي الحديث : «لا يجتمع الشح والإيمان في قلب رجل مسلم ، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف رجل مسلم» (٢).
وروى الفضل بن أبي قرة السندي انه قال : قال لي ابو عبد الله (ع) : أتدري من الشحيح؟ قلت : هو البخيل ، فقال : «الشح أشد من البخل ، ان البخيل يبخل بما في يده ، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده ، حتى لا يرى
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٩٠
(٢) المجمع / ج ٩ ص ٢٦٢