وهذان الاسمان لله يتجليان في سلوك المؤمنين عبر تعاملهم مع بعضهم ، وهم يسألون ربهم المزيد من التوفيق للتخلق بهما ، وأن يرأف بهم بنزع الأغلال من قلوبهم تجاه بعضهم ، ويرحمهم بالغفران.
[١١ ـ ١٢] تلك كانت صورة المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، وهناك صورة معاكسة تمثل المنافقين والكافرين ، وتحكي تفتّت علاقاتهم ، ويحدثنا السياق عن أمثولة لها من علاقة منافقي المدينة مع كفار بني النضير ، فبالرغم من العهود والمواثيق التي أعطاها أولئك لهؤلاء ، ورغم التحالفات التي عقدوها مع بعضهم ضد الإسلام والرسول إلا أن ذلك لم يضف إلى تماسكهم شيئا ، إنما تقطعت بهم الأسباب مع أول مواجهة تمّت بينهم وبين المسلمين. وهذه الأمثولة جديرة بالتأمل من قبل المؤمنين بالذات وهم يخوضون الصراع مع الأعداء ، فان ذلك ينفخ فيهم روح الثقة والاطمئنان بالنصر ، ولذلك يدعو الله نبيّه وكل مؤمن إلى دراسة ذلك بقوله سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا)
وسمي المنافق منافقا اشتقاقا من نافقاء اليربوع (جحره) فإنه يخفي نفسه فيها ، كما يتخذ المنافق نفقا من التّصنع والتكلّف والكذب يخفي فيه شخصيته الحقيقية ، ولقد كان المنافقون على مرّ التاريخ مزدوجي الشخصية ، فهم بين المسلمين يتظاهرون بأحسن صور الإسلام ، وبين الكفار يظهرون على حقيقتهم المعادية للحق ولأهله ، ويتخذون ذلك مطيّة لنيل الغنيمة والمصلحة من الفريقين.
(يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ)
هؤلاء هم إخوانهم الحقيقيون لأن شخصيتهم ومصالحهم وأهدافهم واحدة ،