متأسسة على النظرة المادية للحياة ، فهم لا يعيشون حقائق الغيب ، ولذلك لا يخشون ما يتصل بها كالخالق عزّ وجلّ ، وقال سبحانه : «صدورهم» لبيان خلوها من الإيمان بالله.
[١٤] ومن مظاهر خوفهم وهزيمتهم الداخلية أنهم لا يملكون شجاعة المواجهة المباشرة مع المؤمنين ، إنما يتوسلون بألوان الدفاعات الممكنة خشية الموت ، ومن أسباب ضعفهم بالإضافة الى روح الهزيمة هذه التفتت في الجبهة الداخلية اجتماعيا.
(لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً)
صفّا واحدا متكاتفا (المنافقين والكافرين ، أو أفراد الجبهة المعادية بصورة عامة) لأنهم لا يجتمعون ـ بسبب الخوف ، أو بسبب اختلاف المصالح والأهواء ـ على رأي وموقف واحد أبدا ، أنّى كانت الوحدة هي الصورة الظاهرة فيهم.
(إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ)
يأمنون بحصونها على أنفسهم من الهزيمة ، أو لا أقل من الموت ولو بصورة نسبية.
(أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ)
والجدر جمع جدار وهو الحائط ، وانما يحاربون من ورائه لخشيتهم من الموت ، وجبنهم من المواجهة ، وهو يشبه جدار النفاق الذي يسترهم عن الفضيحة والجزاء ، ولعل ذلك يفسر خلفيات قرار الرسول (ص) بهدم بعض بيوت بني النضير ، وقطع نخيلهم بأنهم كانوا ينتفعون بها في الحرب للتستر والتسلل والتحصن ، وهب أنها توفرت الحصون والجدر وتجمعوا ظاهريّا في صفّ واحد ، ومن أجل غاية واحدة ،