ثوابه ، وتجنب غضبه.
[١٩] وانما يدعو الله المؤمنين الى خشيته ، والاستعداد للقائه وتقواه بتحسس رقابته على الأعمال ، لأن ذلك مما يميزهم عن غيرهم ، فيصدق عليهم اسم المؤمنين ، فلو أنهم تجرّدوا عن هذه الخصال الثلاث لما أصبحوا في عداد أهل الجنة وحزب الله ، ومن هنا نكتشف العلاقة بين الآية السابقة وهذه ، فان ما اشتملت عليه تلك يمثل أهم مضامين الشخصية المؤمنة المتمثلة في ذكر الله ، الذي يجعل الفرد من أصحاب الجنة.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ)
اي لم يتقوه ، ولم يستعدوا للقائه في الآخرة ، ولم يستشعروا رقابته على أعمالهم ، إذا فنسيان الله لا ينحصر في الكفر المحض به تعالى وحسب ، بل يمكن ان يكون المؤمن ناسيا له لو تورط في واحدة أو أكثر من هذه الأمور الثلاث. وتعبيره عنها بالنسيان يهدينا الى ان الإيمان به وذكره مودع في فطرة البشر وذاكرته ، ولكنه يحيد عن ذلك بسبب الغفلة أو الشهوة وغيرهما.
وقد أوضح أئمة الهدى معنى هذه الآية الكريمة ، قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : «يعني إنّما نسوا الله في دار الدنيا لم يعملوا بطاعته» (١) وذلك جرهم الى عواقب خطيرة هي الضلال والنار.
(فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ)
كنتيجة طبيعية لنسيانه سبحانه ، فان الذي لا يؤمن بربه ، ولا يعتقد بالآخرة ، لا يجد قطبا ثابتا يدور حوله ، ولا هدفا حقيقيا يسعى إليه ، إنما تتجاذبه التيارات
__________________
(١) بح / ج ٩٣ ص ٩٩