إذا فلنبحث عن صفات هذا الفريق ونسعى لتقمصها ، ونبحث عن تجمعهم فننتمي اليه حتى نفوذ معهم في الدنيا والآخرة.
وهكذا تتوالى آيات الذكر تبصرنا بمدى تميّز المؤمنين عمن سواهم لكي لا يغرنا إبليس بأنهما سواء. كلا .. لا تستوي الجنّة والنار ، ولا تستوي الحسنة والسيئة ، ولا يستوي النور والظلام ، ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا يستوي الصالحون أصحاب الجنة ، والمسيئون أصحاب النار ، بالرغم من أنهما في الدنيا يتعايشون في بلد واحد ، وربما تحت سقف واحد ، ويتراءى للمعاين أنهما سواء ، بل ويحاول المسيئون تمييع الفرق بينهم وبين الصالحين ، والدعاية بأنهم ما داموا في الدنيا لا يؤاخذون بسوء أفعالهم فهم في الآخرة كذلك بمنجى منها ، كلا .. إنهما ليسوا سواء ، ومعرفة هذه الحقيقة تساهم في بعث الإنسان الى الصلاح.
[٢١] وإذا كان أصحاب الجنة هم الفائزين ، فكيف نبلغ درجاتهم؟ إنما بالقرآن الذي لن يأتي مثله مذكرا للإنسان بربه ، ومربيا له على روح الإيمان والتقوى ، ذلك أنه لو نزل على الجبال لتصدعت فكيف لا يستجيب له قلب الإنسان؟!
(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ)
والتدبر في هذه الآية يهدينا إلى عدة حقائق :
الأولى : أنه تعالى أضاف اسم الاشارة «هذا» الى القرآن. لماذا؟ ربما لأنه أراد أن يذكّر قارئ القرآن بأن المعنى بالكلام هو كتابه الذي بين يديه ، وأنه يتضمن من الآيات والحقائق ما يصدع القلب ، فإذا لم يخش تاليه ربه بسببه فليعلم