أن قلبه أقسى من الجبال.
وإذا كانت الاشارة متوجهة إلى القرآن كلّه فهي تشير بصورة خاصة إلى ذات الآيات القرآنية التي تقع في سياقها من سورة الحشر ـ بصفة أخص ـ وكيف لا تكون كذلك وهي تشتمل على تجلّ لله للمؤمنين بأسمائه الحسنى؟!
الثانية : جاء اسم القرآن بالذات في هذا السياق لماذا؟ ربما لأن بلوغ الخشية والنفع بالآيات يكون بتلاوتها وكونها مقروءة ، وليس بمجرد اقتنائها أو التزين بها ، فالجبل يخشع ويتصدع لو أنزلت عليه الآيات التي تقرأ.
الثالثة : أن الجبل لا يخشع ولا يتصدع من القرآن بحروفه وورقه ، إنما يصير الى ذلك نتيجة المضامين العظيمة التي تشتمل عليها آياته ، وأهمها وأعظمها انطواؤها على تجلّي الخالق عزّ وجلّ. لذلك كان القرآن هو المنزل ، بينما كانت الخشية من الله سبحانه. اذن فعظمة القرآن مكتسبة من ذلك التجلي ، الذي ظهر بصورة أخرى للجبل فاندك وخرّ موسى صعقا.
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ)
ولنا ان نهتدي من هذا المثل الى تصور مدى القسوة التي ينبغي أن يبلغها قلب الإنسان حتى لا يتأثر بالوحي خشية وتقى. لا شك أنه سيكون أشد قسوة من الحجارة ، «وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ» (١) هكذا يضرب الله الأمثال للناس.
(لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
__________________
(١) البقرة / ٧٤