الظلم والحيف ، والقدوس الطاهر ، وسمي الدلو عند أهل الحجاز ب (القدس) لأنه يتطهر به. ولعل معنى القدوس : أنّه سبحانه طاهر بذاته ، ومطهّر لغيره ، كما نقول في قيوم : أنّ معناه القائم بذاته الذي تقوم به الأشياء.
ثالثا : ومن تجلّيات اسم القدوس أنّه سلام ، فهو لا يعتدي على أهل مملكته ، ولا يؤاخذ أهل الأرض بألوان العذاب ، أما إذا التجأ اليه العبد فإنّه يجد دار السلام ، حيث يحيطه من فضله بسكينة في قلبه يمنحه بها سلامة من وساوس الشيطان ، وسلامة من همزاته ودفعاته ، وسلامة من الخوف والقلق والتردد ، وسلامة من الحقد والحسد وظن السوء ، ويحيطه من فضله بعافية في حياته وسلام من الأخطار ، إلّا حسبما تقتضيه حكمته من ابتلائه وفتنته ، ويرجيه من فضله بعاقبة حسنى ، فيها كل أمنة وسلام.
وهكذا جاء في الدعاء :
«اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، وإليك يعود السلام».
رابعا : ويشتق من السلام اسم «المؤمن» حيث يؤمن من التجأ إليه من شرّ نفسه وشرّ الشيطان وشرّ كل ذي شرّ هو آخذ بناصيته.
ولولا الأمان الذي وفره رب الرحمة والقدرة لهذا الإنسان ـ ولكل الخلائق ـ كيف كان ينمو هذا المخلوق الضعيف عبر الأطوار المتلاحقة من حيث كان نطفة من منيّ يمنى ، حتى خلقه في رحم أمه علقة فمضغة فعظاما ، حتى جعله خلقا سويّا ، والى أن أحاطه برعاية أمه وعناية أبيه ، ووفر له الحماية بالحفظة الذين ساقهم بين يديه ومن خلفه حتى قال ربنا سبحانه : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (١) وهذا أقرب معنى لكلمة «المؤمن» ، وقد استشهدوا عليه بقول النابغة :
__________________
(١) الطارق / ٤