يقول جل ذكره «لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ» (١).
وقد وردت نصوص كثيرة في الاستشفاء بهذه الآيات من مختلف الأمراض (٢)
ويجدر بنا أن نستمع في خاتمة هذه السورة الكريمة إلى قلب نابض بالتوحيد ، تنساب من ثناياه معرفة الرب ، ذلك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) الذي انعكست عليه آيات الكتاب حتى انغمست نفسه في بحار المعرفة فقال : «والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا». تعالوا نستمع إليه وهو يخطب في مسجد الكوفة فينبهر الناس من حسن صفته ، فيقول : الحمد لله الذي لا يموت ، ولا تنقضي عجائبه ، لأنّه كلّ يوم في شأن ، من إحداث بديع لم يكن ، الذي لم يولد فيكون في العزّ مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم تقع عليه الأوهام فتقدّره شبحا ماثلا ، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا ، الذي ليست له في أوّليته نهاية ، ولا في آخريّته حدّ ولا غاية ، الذي لم يسبقه وقت ، ولم يتقدّمه زمان ، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان ، ولم يوصف بأين ولا بما ولا بمكان ، الذي بطن من خفيّات الأمور ، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير ، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض ، بل وصفته بأفعاله ، ودلّت عليه بآياته ، لا تستطيع عقول المتفكّرين جحده ، لأنّ من كانت السموات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن فلا مدفع لقدرته ، الذي بان من الخلق فلا شيء كمثله ، الذي خلق الخلق لعبادته ، وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم ، وقطع عذرهم بالحجج ، فعن بيّنة هلك من هلك ، وعن بيّنة نجا من نجا ، ولله الفضل مبدءا ومعيدا ، ثم إنّ الله ـ وله الحمد ـ افتتح الكتاب بالحمد
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٩٤
(٢) راجع ذات المصدر / ص ٢٩٤ ـ ٢٩٥