القدرة على إظهار العداء للمؤمنين الذين قويت شوكتهم يخفون كلّ ذلك ، أمّا لو يظفرون بهم فإنّهم ، (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) (١) ، ودليل ذلك أنّهم أخرجوا من قبل الرسول (ص) والمؤمنين من مكّة المكرمة ، واستحلّوا حرماتهم وأموالهم.
ثانيا : المهم عند المؤمن الآخرة فعليه أن يعمل في الدنيا ما ينفعه يوم القيامة ، وليس تنفعه تلك الولاءات شيئا ، فلما ذا التشبّث بها؟
ثالثا : إنّ المقاطعة التي يفرضها الله على المؤمنين ليست أمرا مستحيلا ، فهناك من عمل بها وهو نبيّ الله إبراهيم (ع) والمؤمنون معه ، حيث ضربوا المثل الأعلى في البراءة من قومهم المشركين ومن آلهتهم المزيّفة ، وفي الكفر بهم ، وإظهار العداوة والبغضاء ضدّهم ، وما أروعها أسوة لكلّ مؤمن يرجو رضى ربّه ، ويؤمن بالحياة الأخرى.
بينات من الآيات :
[١] / قالوا في شأن نزول الآية : «لقد كانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله (ص) فصاروا إلى عيال حاطب ـ بن أبي بلتعه ، وكان قد أسلم وهاجر تاركا أهله بمكّة ـ وسألوهم أن يكتبوا إلى حاطب يسألونه عن خبر محمّد هل يريد أن يغزو مكّة؟ فكتبوا إلى حاطب يسألونه عن ذلك ، فكتب إليهم حاطب : إنّ رسول الله (ص) يريد ذلك ، (وفي رواية) : من حاطب بن بلتعه إلى أهل مكّة : إنّ رسول الله يريدكم فخذوا حذركم (٢) ودفع الكتاب إلى امرأة تسمّى صفيّة ، وقيل : سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هشام ، وكانت قد أتت رسول الله (ص)
__________________
(١) التوبة / ١٠
(٢) مجمع البيان / ج ٩ ـ ص ٢٦٨